أخبارنا

المطران عطا الله حنّا: "لا للأسوار العنصريّة ونعم للحرّيّة والكرامة الإنسانيّة"

لقد رحّب سيادة المطران بزيارتهم إلى الأراضي المقدّسة، مؤكّدًا على أهمّيّة التعاون والتشاور والعلاقات الأخويّة الوطيدة بين كافّة الكنائس الأرثوذكسيّة في العالم التي يربطها إيمان واحد وشركة واحدة. وقال: "إنّنا نعتقد أنّ الكنيسة واحدة، وهي التي نصفها في دستور الإيمان الكنيسة الواحدة المقدسة الجامعة الرسوليّة، فنحن جميعًا ننتمي إلى إيمان واحد وإلى كنيسة واحدة، حتّى وإن تعدّدت قوميّاتنا وثقافتنا ولغاتنا وانتماءاتنا العرقيّة".

تابع قائلًا: "إنّ الكنيسة هي كنيسة المؤمنين، وهي ليست مؤسّسة بعيدة عن هموم الناس وهواجسهم وآلامهم ومعاناتهم، إنّ الكنيسة حاملة لرسالة المسيح على الأرض وهي رسالة تدعو الإنسان إلى الاستقامة وعيش الإيمان والتمسّك بكافّة القيم التي ينادي بها الإنجيل المقدس".

قال سيادته بأنّ كنيسة القدس هي كنيسة هذه البقعة المقدسة من العالم التي يؤمّها الزوّار والحجّاج من كلّ حدب وصوب، لكنّها أيضًا كنيسة الإنسان، وهي كنيسة الشعب الصامد والباقي في هذه الأرض المقدسة. إنّ كنيستنا ليست كنيسة تذكّرنا بتاريخ مجيد فحسب، بل هي كنيسة الحاضر والمستقبل، إنّها كنيسة البشر وليست كنيسة الحجر، لذلك فإنّ كنيسة الأراضي المقدسة من واجبها دومًا أن تؤدّي رسالتها الروحيّة والإنسانيّة والأخلاقيّة، وأن تكون منحازة للمظلومين والمتألمين والمكلومين.

ثمّ أردف قائلًا: "لا يجوز لنا أن نكون حياديّين عندما يكون هنالك استهداف للإنسان وحرّيّته وكرامته ولا يمكننا أن نتحدث باللغة الدبلوماسيّة الحياديّة عندما يكون إنساننا مظلومًا ومشرّدًا ومُهانًا ومستهدفًا. نحن في فلسطين نعيش آلام ومعاناة شعبنا الفلسطينيّ لأننا جزء من هذا الشعب ولأن آلامه هي آلامنا ومعاناته هي معاناتنا، وتبنّي هذه القضيّة العادلة والدفاع عنها هو جزء من رسالتنا المسيحيّة الرعويّة".

تابع: "تبقى خطاباتنا ومواعظنا لا قيمة لها إذا لم تترجَم فعليًّا من خلال محبّة الإنسان والتضامن معه والمطالبة برفع الظلم عنه. إنّ كنيسة فلسطين هي كنيسة أرض مجروحة وشعبها يتألّم، وهو مشرّد في كلّ القارّات، ومَن بقي في أرض الاباء والأجداد يعامَل كالغريب، وكأنّنا بضاعة مستوردة من الخارج في حين أنّ تاريخنا  وانتماءنا وهويّتنا الروحيّة والوطنيّة ترتبط بهذه الأرض ارتباطًا وثيقًا. إنّنا في فلسطين، من واجبنا أن نطالب برفع الظلم عن شعبنا الفلسطينيّ ومن واجبنا أيضًا أن ننقل معاناة شعبنا إلى كافّة كنائس العالم وشعوبها وهيئاتها ومؤسّساتها الحقوقيّة".

أضاف قائلًا: "من يأتي إلى فلسطين نرحب به ونتمنى منه ألّا تكون زيارته مقصورة على كنيسة القيامة والمهد وغيرها من الأماكن التاريخيّة، بل نتمنى أن يكون هنالك اهتمام بلقاء أهل هذه الديار الأصليّين، وهم أبناء الشعب الفلسطينيّ. نريدكم أن تتعرّفوا على هذه العنصريّة المقيتة التي يعامل بها شعبنا الفلسطينيّ، وفي انتقالكم من مكان إلى مكان في هذه الديار سوف تلحظون أسوارًا عنصريّة وحواجز عسكريّة وممارسات ظالمة يندى لها الجبين، يعامل بها شعبنا بكل قسوة ودون أدنى احترام لقيم الإنسانيّة أو الأخلاقيّة أو الروحيّة. ما فائدة المقدّسات بدون الإنسان؟! نحن لا نريد أن تتحوّل كنائسنا إلى متاحف يزورها الحجاج من كافة أرجاء العالم، بل نريدها أن تكون مقدّسات وكنيسة حيّة تعيش آلام الإنسان ومعاناته والظلم الذي يتعرض له".

أكّد قائلًا: "إنّ مدينة القدس، وبالرغم مما تتعرض له من استهداف لمقدساتها ومؤسساتها وإنسانها، إلّا أنّها كانت وستبقى نموذجًا للتلاقي بين الأديان فهي المدينة المقدس في الديانات التوحيديّة الثلاث، وهي حاضنة اهم مقدساتنا الاسلاميّة والمسيحيّة وهي المدينة التي يلتقي فيها المسيحيون والمسلمون الفلسطينيون الذين يتحدثون بلغة واحدة وهمومهم وآلامهم ومعاناتهم واحدة، كما ان طموحهم نحو الحريّة هو هاجس مشترك أيضًا".

شدّد قائلًا: "نحن كنيسة تبشر بقيم المحبة والسلام والاخوة بين الناس ولكننا أيضًا ننادي بالعدالة ورفع الظلم عن المظلومين، نحن المسيحيون الفلسطينيون مع شعبنا الفلسطيني في نضاله وحراكه وسعيه نحو الانعتاق من الاحتلال والعيش الكريم في وطنه، والمسيحيون الفلسطينيون هم حماة الوجود المسيحي في هذه الديار وهم امتداد للجماعة المسيحيّة الأولى والكنيسة الأولى التي شيّدت في هذه البقعة المقدسة من العالم قبل ألفي عام ونيف. المسيحيون الفلسطينيون هم أحفاد الرسل والتلاميذ والقديسين والمعلّمين والشهداء الذين نادوا بقيم الإيمان في عالمنا وبشّروا برسالة المحبة والسلام والأخوّة في كلّ مكان".

تابع: "المسيحيون الفلسطينيون هم حاملون لهذه الوديعة الايمانيّة وكنيستنا المقدسة هي مطالبة بأن تبقى أمينة في دفاعها عن هذه الوديعة وعن استقامة الإيمان والسلوك والفكر والعمل من أجل خير الإنسان. إنّنا نطالب الكنائس المسيحيّة في العالم الأرثوذكسيّة وغيرها بأن تلتفت إلى فلسطين، فالتضامن مع فلسطين هو تضامن مع الكنيسة الأمّ، وهو تضامن مع أعدل قضيّة إنسانيّة عرفها التاريخ الإنسانيّ الحديث، ألا وهي قضيّة الشعب الفلسطينيّ. إنّ شعبنا بمسيحييه ومسلميه، بكنائسه ومساجده، وبكافّة أطيافه هو شعب موحّد يطالب بالحريّة ويريد أن يعيش في وطنه بأمن وسلام واستقرار بعيدًا عن الاحتلال وعنصريّته وهمجيّته".

كما تحدث سيادته أمام الوفد عن وثيقة الكايروس الفلسطينيّة، وقدم لهم شرحًا تفصيليًّا عن مضمونها ورسالتها وأهدافها، وقال بأنّ فلسطين هي أرض مقدسة اختارها الله لكي تكون مكانًا لتسجد محبته نحو الإنسانيّة، فنحن نتمنى منكم ومن شعوبكم وكنائسكم بأن تكونوا معنا ومع شعبنا في سعيه من أجل الحريّة واستعادة الحقوق السليبة. لا للعنصريّة ولا لسياسة الآبرتهايد ولا للأسوار العنصريّة، نعم للحريّة نعم للكرامة نعم لصون حقوق الإنسان بعيدًا عن الممارسات الظالمة بكافّة أشكالها وألوانها. وقد شكر الوفد الرومانيّ سيادة المطران على استقباله وقدّموا له التهنئة بمناسبة الأعياد مثمنّين مواقفه والرسالة الروحيّة والإنسانيّة والوطنيّة التي يحملها ويدافع عنها. 

bar_chart_4_bars مقالات متعلقة

مؤتمر المبادرة الاجتماعية الثالث: التمكين...

2024/11/05 16:34

بيان: اعتداء وحشي على الزعيم الوطني مروان...

2024/10/27 21:33

شروط الجيش لوقف الحرب مع حزب الله

2024/10/14 13:58

طبيعة الرد الإسرائيلي على إيران؛ "الفجوات...

2024/10/11 10:05

مقتل 3 جنود في تفجير عبوة ناسفة شمال القطاع

2024/10/10 20:48