في الثلث الأخير من الليل، وبدل ان أصلي صلاة التهجد قياما في ليلة من ليالي القدر، وعلى خلفية ما اقرأ من معارك طاحنة على صفحات الفيسبوك، وما أرى من فتنة أطلت برأسها في مجتمعنا الفلسطيني، وبعد ان فتتت الفتن عالمنا العربي، طرق بابي قول الله تعالى من سورة الحجرات: "يا أيها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا". تدبرتها حتى فجر اليوم، فوجدتها تختم مجموعة من التعاليم القرآنية في مجال العلاقات بين الناس، سواء بين المتفقين منهم او المختلفين، المتخاصمين او المتقاتلين، المستهزئين او المتنابزين بالألقاب، وغيرهم من حملة الامراض الاجتماعية الخلقية والسلوكية.
تبدأ السورة بآيات تعلمهم التعامل والحديث والسلوك بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم تطالبهم ان يتبينوا حقيقة الاخبار التي تصلهم حتى لا يظلموا أحدا بجهالة، ثم يعرج على اقتتال المؤمنين مع بعضهم، ويأمرنا ان نصلح بينهم، ويبين لنا انهم في حكم الاخوة بشهادة القران الكريم.
وتستمر الآيات في تقديم التوجيهات الربانية السلوكية والأخلاقية، حتى يختتمها بهذه الآية الكريمة تلخيصا لما فات: "يا أيها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا". كأنه يريد ان يعلمنا قاعدة ذهبية في المعاملة -والدين المعاملة-لو اتبعناها لما تخاصمنا ولا تشاجرنا ولعرفنا قدر بعضنا البعض فاحترمنا بعضنا وحفظنا حرمات بعضنا، ولما افترينا على بعضنا البعض زورا وبهتانا ولما تقاتلنا ولتصالحنا، ولما سخر بعضنا من بعض، ولما تنابزنا بالألقاب تكفيرا وتخوينا وبخسا، ولاجتنبنا الظن السيء، ولما احتجنا ان نتجسس او نغتاب بعضنا البعض.
هذه هي التعاليم التي ارادت هذه الآية ان تزرعها فينا وتعلمنا إياها، وهذه هي الآفات التي ارادت ان تدرأنا عنها وتبعدها عنا، فقبل ان تفجروا في الخصومة تحاوروا فتتعارفوا! لعلكم بعدها تتقاربوا وتتعاضدوا وتتعاونوا، او على الأقل لعلكم تعذروا بعضكم بعضا، فتتعلموا كيف تعيشوا مع خلافاتكم واختلافاتكم.
2024/10/27 21:33
2024/10/14 13:58
2024/10/11 10:05
2024/10/10 20:48
2024/10/10 18:36