كشفت تقارير إن قادة "حماس" يعتمدون آلية خاصة للتواصل في ما بينهم، خصوصًا مع القادة في الخارج، في ظل انقطاع الاتصالات والإنترنت بشكل شبه دائم عن مناطق قطاع غزة، ولتجنب التتبع الإسرائيلي.
ويحتاج مسؤولو "حماس" إلى التواصل فيما بينهم بشكل حثيث، من أجل التشاور واتخاذ قرارات متعلقة بالحرب واقتراحات الهدن وصفقات التبادل. وتقرر قيادة الحركة في غزة مصير أي اقتراح أو صفقة، وهو ما يجعلها في مباحثات دائمة ولكن بطريقة سرية لضمان عدم تسرّب معلومات عما يحدث في أروقتها الداخلية. ولضمان ذلك، تستخدم قيادة الحركة نظام اتصالات سري، بدأ بنظام أرضي خاص، ثم انتهى إلى طريقة بدائية للاتصال بين البشر عبر رسائل مكتوبة.
مقاسم تحت الأرض وهواتف أرضية قديمة جدًا
وأوضحت مصادر مقربة من "حماس"، في حديث لصحيفة "الشرق الأوسط"، ان قادة "حماس" و"القسام" كانوا يعتمدون في بداية الحرب الإسرائيلية على الاتصالات الأرضية الخاصة بالحركة، والتي قام مهندسون من الجناح العسكري لـ"حماس"، بابتكارها عام 2009، وراحوا يطورونها من فترة إلى أخرى، باستخدام تكنولوجيا استُقدمت من خارج القطاع، على الأرجح من خلال تهريبها عبر أنفاق على الحدود مع مصر.
لكل قيادي رقم خاص
وتابعت ان "كتائب القسّام" ركّبت مقاسم تحت الأرض، متصلة بهواتف أرضية قديمة جدًا في نقاط معينة فوق الأرض، وكان يجري فحصها باستمرار لمنع اختراقها، وتجري لها صيانة شهرية دورية. وروت كيف أن لكل قيادي من مختلف المستويات القيادية، سواء السياسية أو العسكرية، نقطة اتصال خاصة به، برقم معين محدد، يجري التواصل عبره في الحالات الطارئة.
اسرائيل حاولت اختراق المنظومة عدة مرات
وقالت المصادر إن إسرائيل كانت على علم بهذا النظام، وحاولت اختراقه مرات عدة ثم حاولت استهدافه. وأضافت: "في حرب سرية غير معلنة، نجحت اسرائيل في أيار/مايو عام 2018 بتفجير مقسم اتصالات بعد تفخيخه غرب الزوايدة وسط قطاع غزة، ما أدى حينها لاغتيال مجموعة من مهندسي "القسّام" حاولوا كشف ثغرة أمنية وقعت بتلك النقطة، فانفجر بهم المقسم.. وقبل ذلك التاريخ وبعده، حاولت اسرائيل مرات عدة اختراق هذه المنظومة"، مشيرة إلى أن قوة إسرائيلية خاصة تسللت إلى غزة، ونفذت سلسلة مهمات بينها محاولة اختراق منظومة اتصالات "حماس"، قبل أن يُكشف أمرها في تشرين الثاني/نوفمبر عام 2018، خلال مهمة لها شرق خان يونس، حيث جرى إخراجها تحت النار بعد مقتل اثنين من عناصرها".
تدمير بعض نقاط الاتصال في بداية الحرب
وقالت الصحيفة ان "حماس"، على ما يبدو، حافظت على شكل هذه الاتصالات في بداية الحرب الإسرائيلية الحالية على قطاع غزة، على الرغم من أن الجيش الاسرائيلي ركّز على استهداف بعض نقاط الاتصال، ودمّر بعضها، كما دمّر أنفاقًا كانت في داخلها مقاسم اتصال رئيسية.
وقالت المصادر إنه رغم تضرر شبكة الاتصالات فإن قيادة الحركة واصلت إدارة اتصالاتها عبر هذه المقاسم، بما في ذلك الاتصالات الحثيثة التي حسمت أمر الهدنة الإنسانية التي استمرت 7 أيام. وأوضحت أن مهندسي "كتائب القسام" تمكنوا وقتها من إعادة بعض تلك المقاسم للعمل، وفعّلوا نقاط اتصال جديدة.
مفاوضات التهدئة.. هكذا تم ادارتها
وكشفت المصادر أن مفاوضات التهدئة كانت تجري داخليًا ثم يُكلَّف شخص ما بنقل الأجوبة إلى قيادة الحركة في الخارج، وقالت: "مفاوضات الهدنة التي أُفرج بموجبها عن عشرات الأسرى الفلسطينيين والإسرائيليين، كانت تجري من خلال التواصل الداخلي بين بعض قادة "حماس" و"القسام" عبر الاتصالات الأرضية، ثم كان يجري تكليف شخص ما، بنقل ما يجري التوافق عليه إلى قيادة الحركة بالخارج من خلال طرق عدة، منها الإنترنت المرتبط بشرائح إلكترونية، وباستخدام برامج مشفرة اشترتها الحركة من الخارج".
وقالت: "في بعض المرات، كان يجري الاتصال بأشخاص لا علاقة لهم بالحركة، لكنهم قريبون منها وموجودون في عواصم عدة، وينقلون بدورهم تلك الرسائل للقيادة في الدوحة وبيروت".
واستخدمت "حماس" الاتصالات الداخلية الخاصة للتواصل مع حركة "الجهاد الإسلامي" بعدما كانت قد زودتها في السابق ببعض نقاط الاتصال للتواصل عند الضرورة. وهذا يفسّر على الأرجح كيف أن تسليم أسرى ومحتجزين خلال الهدنة الأخيرة ترافق مع خروج مسلحين من "القسام" و"سرايا القدس"، الجناح المسلح لـ "الجهاد"، بشكل مشترك.
بعد الهدنة.. العودة الى اساليب قديمة جدًا في التواصل
وبعد استئناف القتال، عقب فشل تمديد الهدنة الإنسانية، هاجمت إسرائيل بقوة أهدافًا لـ"حماس"، ومع تمدد الهجمات بما فيها البرية لتطول أهدافًا أوسع وسط القطاع وجنوبه، فَقَدت الحركة كثيرًا من أنفاقها المخصصة لمقاسم الاتصالات، كما فَقَدت كثيرًا من نقاط الاتصال المحددة فوق الأرض.
وأكدت المصادر أن ذلك دفع قيادتي "حماس" و"القسام"، في قطاع غزة، إلى استخدام أساليب قديمة جدًا في التواصل فيما بينها لإدارة المفاوضات وغيرها من القضايا التنظيمية مع استمرار الحرب. وأوضحت أن "حماس" لجأت إلى بعض عناصرها، أو المقربين منها، لكنهم غير معروفين للعلن، من أجل نقل رسائل مكتوبة باليد من شخص إلى آخر، ومن مكان إلى آخر. وأضافت: "يجري ذلك من خلال اتباع إجراءات أمنية صارمة لمنع تتبع حركة الاتصالات تحت أي ظرف".
وتنقل تلك الرسائل المكتوبة لأشخاص لهم أيضًا تواصل بطرق مختلفة مع قيادة الحركة في الخارج.
وأكدت المصادر أن قادة "حماس" و"القسام" في قطاع غزة، هم من يضعون اللمسات الأخيرة على أي اتفاق، مشيرة إلى أن قيادة الحركة في الخارج لا تتخذ أي قرار من دون موافقة القيادة في القطاع، خصوصًا رئيسها يحيى السنوار.
وتثير عمليات التواصل بين قيادات "حماس" كثيرًا من الجدل داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية التي لم تنجح حتى الآن بالوصول إلى السنوار، أو قيادة الصف الأول في "القسام" مثل محمد الضيف، ومروان عيسى، أو محمد السنوار، شقيق يحيى السنوار.
2024/10/27 21:33
2024/10/14 13:58
2024/10/11 10:05
2024/10/10 20:48
2024/10/10 18:36