وهذا ما يحصل في جسر الزرقاء، القرية العربية الصامدة والمحاصرة على الشاطئ، فهي تعيش ضائقة سكنية واكتظاظا صارخا، وتعاني فقرًا ونسبة وفيات مرتفعة وحالات مرضية مزمنة كثيرة، وتفتقر للموارد وللأماكن الحيوية لسد الاحتياجات المعيشية الأساسية، حيث لا يوجد بنك، ولا محطة وقود.
هذا الواقع في ظل الكورونا يزيد من احتمالية الإصابة في صفوف أهلنا، خصوصا مع ضيق الحيز العام والشخصي الفردي. عشرات العائلات تقطن في بيوت صغيرة لا تملك ساحات ولا مساحة للتنفس، وسرعان ما يتحول الشارع المتآخم للبيوت لمدخل بيت أو ساحة لعشرات العائلات وهذا يزيد من احتمال التقائهم ويفشل التباعد الاجتماعي الذي يستحيل تطبيقه في مثل هكذا ظروف. الأهالي يضطرون للسفر خارج القرية للحصول على خدمات بنكية مصرفية ولشراء حاجيات ضرورية غير متوفرة.
الاكتظاظ السكني الذي نعيشه، يحد من دخول عشرات العائلات لحجر بيتي، فكيف سيدخل شخص مصاب بالفيروس لحجر في غرفة تشكل نصف البيت الذي يقطنه مع عائلته، ما يعني أن نصف أفراد العائلة سيبقون دون مأوى. هذا الوقع حذى في المجلس المحلي والجهات المسؤولة من تحويل مبنى مدرسة لمكان عزل للاشخاص الذين لا يملكون حيزا للحجر في بيوتهم. هذا مؤشر للوضع الكارثي، وعلى الحكومة والجهات المسؤولة والهيئات التمثيلية التحرك ومضاعفة الاهتمام بالقرية لمجابهة انتشار الكورونا قبل فوات الآوان. على الحكومة توفير أماكن للحجر كما وفرتها لمجموعات مستضعفة ومصابين يهود في كل انحاء البلاد.
أضف إلى ذلك، في جسر الزرقاء، يعمل نحو 1400 عامل وكادحة في المستشفيات، دور رعاية االمسنين وذوي الاحتياجات الخاصة وفي المؤسسات الطبية، في النظافة، الرعاية، الصيانة وغيرها. هم قي قلب المعركة ضد الكورونا لجانب الطواقم الطبية ومعرضون للإصابة وللمخاطر، ويجب الاهتمام بهم ومساعدتهم، فلا يكفي أنه يتقاضون رواتب زهيدة ويعملون في ظروف صعبة، هم أيضا مستضعفون ومحتاجون ويتواجدون في قلب الخطر، وواجبنا جميعا حمايتهم ووقايتهم وإعانتهم. لهم منت كل التحية على التضحيات التي يقدموها في سبيل حماية صحتنا واستمرار الحياة في الجهاز الطبي ومن أجل العيش الكريم لابنائهم.
الشرطة تحاول فرض التعليمات وإرساء النظام، ولكنها لا تتنصل خلال عملها من السياسة العدائية تجاه العرب ولا من ذهنية العنصرية، وبدل تخفيف العبء عن المواطنين ومساعدتهم، تقوم بفرض الغرامات عليهم ومعاقبتهم تحت حجة نكث التعليمات. الشرطة ملزمة في ظل الأزمات حماية المواطن والتعامل بصورة إنسانية أكثر، والأخذ بعين الاعتبار واقع ووضع القرية. ولكن الأيام الأخيرة أثبتت العكس، حيث أن سياسة الضغط على الغرامات يطغى.
المجلس المحلي بالتعاون مع الأطر المحلية الفاعلة، من جمعيات، مؤسسات طبية وأهلية، ناشطين ومختصين يبذلون جهود كبيرة لتقديم الدعم والمساعدات المختلفة للناس في ظل شح في الموارد والميزانيات والكوادر. الوضع يستوجب خطة خاصة لدرء خطر انتشار الفيروس، وتدخل حكومي شمولي وخطة استراتيجية تحاكي كل السيناريوهات المحتملة.
مقارنة بسيطة مع قيساريا كفيلة في تجسيد الوضع. في الوقت الذي يحظى به نتنياهو بحيز حجر منزلي في بيته الضخم في قيساريا يفوق 1000 متر مربع، تنتهي مسافة 100 متر المسموحة للخروج لابن جسر الزرقاء من أن أجل التنفس، بعد الجدار الفاصل بين قرية الفقراء ومدينة الأثرياء، الحيز المفقود أصلا في ظل الحصار والتمييز والتهمييش والفصل العنصري.
2024/11/05 16:34
2024/10/27 21:33
2024/10/14 13:58
2024/10/11 10:05
2024/10/10 20:48