حرب الروايات الاسرائيلية حول اطلاق سراح مدير مستشفى الشفاء د. محمد ابو سلمية، هي دليل مصغر للصراع الذي سيحصل في حال تم الإعلان عن لجنة تحقيق رسمية حول اخفاق السابع من أكتوبر وكل ما تلاه من اخفاقات في ادارة الحرب. من اللافت ان الصراع لم ينحصر داخل المستوى السياسي، ولا بين المستوى السياسي الحاكم والمستوى الأمني، بل تحولت الأذرع الأمنية الى حلبة صراع فيما بينها.
يحدث اصطفاف لافت قد يدفع الى تفكك المنظومة الأمنية كمنظومة متكاملة وذات رتابة ومرجعيات متعارف عليها. لقد بات واضحا ان الأجهزة الأمنية الخاضعة لمسؤولية وزير الأمن القومي بن غفير، أي الشرطة ومصلحة السجون والحرس القومي، والتي نجح في تغيير قياداتها وهويتها الداخلية، تقف في خط الصدام مع المنظومات الأمنية الخاضعة لمسؤولية وزير الأمن، الجيش، وجهاز الامن العام الشاباك الخاضع رسميا لمسؤولية رئيس الوزراء ويدار ذاتيا ضمن القانون الاسرائيلي وقرارات الحكومة، إضافة الى مجلس الامن القومي الذي يعينه رئيس الحكومة.
قامت مصلحة السجون بنشر شريط توثيقي لاخراج الطبيب ابو سلمية من الزنزانة ومن السجن لتبين فيه ان ادعاء الشاباك بوجود حاجة الى اماكن شاغرة في السجون لاعتقالات متوقعة هو ادعاء كاذب وقد أصرت مصلحة السجون على انه لا توجد مشكلة أمكنة في السجون.
في اصرارها هذا وفي شريط الفيديو لفتت مصلحة السجون الأنظار دون ان تقصد او عن قصد لأغراض ترضي الوزير، الى ظروف اعتقال الاسرى، وكيف انهم مقيدي الايدي والارجل ومحنيي الظهر على ارضية الزنزانة، والى كون معظم الأبراش أي الأسرّة الحديدية المثبتة بالجدران، هي من دون أي فراش او غطاء، وان الزنزانة خالية من أية لوازم للأسرى من ملابس وماء ومواد غذائية، يضاف الى الخط الاصفر، الذي يمنع اي اسير من تجاوزه داخل الزنزانة والا عوقب هو وزملائه بالضرب المبرح بالهراوات وقد يكون حتى التسبب بإعاقة وحتى الموت.
وحين كشف زملاء الطبيب عن حالتهم الصحية وهزالة الاجساد التي واجهت تجويعا يصل حافة الموت وقد فقدوا جلّ وزنهم، والأرجل والتي نتيجة للقيود البلاستيكية الثابتة والحابسة للدورة الدموية تبدو انها بحاجة الى البتر او الإعاقة الدائمة، والى الامراض الجلدية الرهيبة التي يصعب النظر الى تجلياتها فكم بالحري من يعيشها ويعاني منها، ناهيك عن الحالة النفسية، فيبدو ان مصلحة السجون كما حكومة اسرائيل ستخضعان للمساءلة القانونية الدولية وهي شهادات لا يمكن التهرب منها. هذه النتائج من تلك الشروط الإعتقالية.
وفقا لرواية رئيس الشاباك التي رشحت الى الاعلام فإنه قد حذر الكابنيت الأمني السياسي من ان ظروف الاعتقال سوف ترتد على اسرائيل وأمنها، وأن الأسرى الذين يتعرضون الى اقصى انواع التعذيب والاهانة سوف ينتقمون و"هناك من بينهم من بدا يخطط لعمليات انتقامية" وفقا لجهاز الاستخبارات.
نشرت مصلحة السجون في وسائل الاعلام نص الأمر العسكري بإطلاق سراح ابو سلمية وعدد من الأسرى الذين وفقا لمعلومات الشاباك الأقل خطرا من غيرهم. وهذا النشر يعتبر نادر الحصول، إلا ان منظومة السجون تسعى الى تحرير نفسها من اية مسؤولية مقابل القاء هذه المسؤولية على الجيش والشاباك. هذا الموقف متساوق مع بن غفير ومواقفه. كما انه دليل على مدى نجاح الوزير في إطباق نفوذه على احدى اهم المنظومات الأمنية المسؤولة عن الأسرى الفلسطينيين.
2024/08/30 09:44
2024/08/10 19:15
2024/07/23 15:01
2024/07/19 17:20
2024/07/19 16:34